الدكتور: سليمان بن قاسم سليمان الداثري الفيفي
إعداد الشيخ :عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ أبو جمال

الدكتور: سليمان بن قاسم سليمان الداثري الفيفي
الصبر وتحمل الغربة، واكتساب المعارف والعلوم، توصل صاحبها إلى تحقيق احلامه، والتربع على منصات النجاح والتميز، تغرب عن اهله ووطنه لسنوات عديدة، لا غاية له ولا هدف الا الدراسة وتحقيق الدرجات العلمية، لتكون له سلما وعونا على خدمة اهله ووطنه، سافر شرقا وغربا ساعيا إلى التزود من العلوم في مجال تخصصه .
يقول الامام الشافعي رحمه الله :
تغرب عن الاوطان في طلب العلا
وسافر ففي الاسفار خمس فوائد
تفــرج همّ واكـتساب مـعيشـة
وعـلم وآداب وصـحـبة مــاجد
صبر وصابر وتحمل مصاعب الغربة لسنوات طويلة، لا يمل ولا يكل حتى عاد بعدها ظافرا، محققا احلامه واماله ومقاصده، وكلها دليل على همته وجلده وقوة ارادته وعزيمته، جينات اكتسبها من ابائه واجداده، من مشايخ قبيلة آل الداثر العريقة، ومن تربية نشأ عليها من والديه، فقد حبب إليه والده من الصغر الجد والاجتهاد، واكسبه التعلق بالقراءة والاطلاع، فاصبح هاجسه في كل مراحل حياته، التلقي والفهم والاستيعاب، والتدرج في مسالك العلم والمعرفة، لا يشبع من النهل من العلوم والمعارف، بشتى انواعها وفنونها، وفقه الله وبارك فيه ونفع به، وزاده علما وفضلا وتوفيقا.
أنه الدكتور الباحث:
سليمان بن قاسم سليمان الداثري الفيفي حفظه الله ووفقه.
والده: هو الشيخ قاسم بن سليمان قاسم الداثري حفظه الله ووفقه، من اهل المثابة شيوخ قبيلة آل الداثر، عمل في السلك العسكري لفترة طويلة، تنقل خلالها بين مختلف مناطق المملكة، مما أكسبه خبرات متميزة، ومعرفة بالمناطق و القبائل، وأكتسب من الجندية القوة والصرامة والجدية، في شخصيته وتعامله مع الناس ومع اسرته، انسان مثقف كثير الاطلاع والقراءة، واورث ذلك في اولاده، فكان يحبب إليهم القراءة والاطلاع، ومتابعة كل جديد، اختاره أفراد قبيلته شيخا لهم بعد تقاعده، لميزاته الشخصية وارثه العريق في المشيخة، فوالده وعمه وابن عمه واخيه تولوا هذا المنصب، فقام بأدواره في خدمة قبيلته على افضل وجه واتمه، ومن أبرز مشاريعه وافكاره التي قدمها لقبيلته، تأسيس وإنشاء (صندوق الداثري التعاوني)، والذي استمر من انجح الصناديق التعاونية والانمائية لأكثر من ثلاثين سنة، ويعتبر من اميز نماذج الاعمال التعاونية المؤسسية التي قامت بين قبائل فيفاء.
بهذه العقلية والادراك عمل على حسن تربية ابنائه، وان يصلوا قمة المستويات في التعليم والاحترام وخدمة مجتمعاتهم، فنجدهم بلغوا القمة والتميز في هذا السبيل، وبين ايدينا اكبرهم نموذجا حيا لكل ما نقول، حفظه الله وبارك فيه وفي ذريته ، وكثر الله فينا من امثالهم.
واما امه فهي الفاضلة مريم بنت طاحوس خشمان الصقار السبيعي حفظها الله، والدها من اوائل الاخويا في امارة جبال فيفاء، وعاش فيها وتزوج منها، وبقي فيها إلى تقاعده، ثم انتقل للسكن في خميس مشيط، إلى أن توفي رحمه الله وغفر له، وتميز بالطيبة وحسن التعامل وجمال المعشر، وهي ولدت ونشات في كنف والديها، وقاست وعانت من صعوبات الحياة كمثيلاتها في تلك الفترة، حيث كانت توكل إلى النساء حينها الكثير من الاعمال المنزلية، من جلب المياه والحطب والاعلاف للمواشي، والقيام بأعمال البيت المختلفة، مع الصعوبة في الحياة، وقلة المياه وبعد مواردها، وفي تلك الفترة قبل افتتاح مدارس تعليم البنات، وانعدام المدارس الاهلية لتعليم الفتيات، لم تحظى بالقدر الكافي من التعليم، إلا أنها أدركت أهمية التعليم، فزرعت حبه في اولادها، وحرصت على أن ينالوا اكبر قدر ممكن منه، ولذلك فمعظم ابنائها حاصلين على الشهادات الجامعية، ولها الفضل الكبير بعد الله في متابعتهم في الامور الدينية والدنيوية، وانعكست ظروف الحياة الصعبة في بداية حياتها على شخصيتها، فهي تتسم بالجدية والصرامة، حفظها الله ورعاها .
ولد لهذين الفاضلين وكان بكرهما، حيث تلاه أثنان من الابناء و ست بنات، حفظهم الله جميعاً وبارك فيهم، وولد لهما في بيت العلاج، في اعلى جبل فيفاء، قرب القمة (العبسية)، وكان مولده في شهر جمادى الاخرة من عام 1388هـ، وعاش طفولته الاولى في هذا البيت، مع امه في بيت جده (طاحوس)، لما يقارب ثلاث سنوات، لعدم استقرار والده في مكان معين، بسبب ظروف عمله العسكرية، ثم بعدها صحبهم معه، ليستقروا في مدينة الخميس، في حوالي نهاية عام 1391هـ، ولكنها فترة قصيرة، حيث اضطر لأعادتهم إلى فيفاء مرة اخرى، ليبقوا فيها سنة كاملة، ليأخذهم بعدها معه إلى مدينة الرياض، بعدما انتقل عمله إليها واصبحت مقر اقامته، واستقروا في هذه المدينة من عام 1392هـ وإلى اليوم، وصارت الرياض هي مقر اقامتهم النهائي، عاش فيها واستكمل بقية مراحل طفولته، ودرس فيها جميع مراحل التعليم العام, والمرحلة الجامعية، وفيها مارس عمله الوظيفي وما يزال، فالرياض موطنه وموطن والديه واسرته، لأكثر من اثنين وخمسين سنة.
تعليمه :
عندما بلغ السن المناسبة للدراسة، الحقه والده بالمرحلة الابتدائية، في مدرسة أحمد بن حنبل الابتدائية، الواقعة في حي المرقب، احد احياء الرياض القديمة، وكانت هي الاقرب إلى مقر سكنهم، وتدرج في فصولها من نجاح إلى آخر، واكتسب فيها كثيرا من المهارات، وتزود منها بالعلم والمعرفة، وكان يجد الاهتمام والمتابعة من والديه واسرته، مما دفعه للتفوق والتقدم على كثير من زملائه، وكانت تلك الفترة في بدايات الطفرة المالية للدولة، وقد أولت رعاه الله قطاع التعليم اهتماما كبيرا، وكان من الجيل الذي أدرك الوجبات المدرسية المجانية، والملابس الرياضية المجانية، وامتازت هذه المرحلة كما يذكر، بوجود معلمين حريصين على تعليم الطلاب، ومدركين لأهمية التعليم والتربية، ولا ينسى معلم القرآن الكريم، الاستاذ حمد القاضي جزاه الله خيرا، وليس (الكاتب والاديب المعروف)، الذي علمهم القرآن الكريم، في السنوات الرابعة والخامسة والسادسة، ويحمل له كثيرا من التقدير والعرفان، فقد كان حريص على طلابه، وحريص على حفظهم للقرآن، وتلاوته بشكل صحيح، وكان يشجعهم وبشكل كبير على القراءة، ومن حرصه كان يأخذ الجادين منهم، إلى المكتبة المدرسية معه اثناء الفسحة، ويعطيهم فرصة لتناول الفطور، ثم يحثهم في بقية الوقت على القراءة والاطلاع، والنهل من معين العلم والثقافة، ويترك لكل طالب حرية ما يرغب قراءته من الكتب، ويستمرون على ذلك إلى أن تنتهي الفسحة، ويشجعهم ويحفزهم اكثر، بكونه قدوة لهم في ذلك، وما ذلك إلا حرص منه على استفادتهم، وأن لا يذهب عليهم وقت الفسحة سدى، من دون مردود يذكر، ومرت اعوام هذه المرحلة المتميزة، بكل هدوء ونفع وفائدة، مواصلا نجاحاته وتفوقه إلى أن تخرج منها.
انتقل حينها سكن الأسرة إلى حي منفوحة، احد احياء مدينة الرياض الكبيرة، الذي كان في الماضي يعتبر حيا مستقلا، أو بلدة منفصلة عن مدينة الرياض، (ومنفوحة هي بلدة الشاعر الجاهلي الاعشى)، وفي هذا الحي الحقه والده بالمرحلة المتوسطة، في مدرسة محمد ابن الحنفية المتوسطة، في شارع عشرين، وكانت حينها من المدارس الحديثة البناء، وامتازت بتجهيزاتها المتكاملة، وبوجود مختبرات ومعامل فنية، مهيأة على أحدث المواصفات والتجهيزات، ومصممة إلى حد ما بنفس مواصفات المدارس الأمريكية، فهي تحتوي على مختبر للعلوم، وبها قاعات او (مختبرات) للرسم والفنون، وبها كذلك مكتبة كبيرة، خصص لها موظف يقوم عليها (امين مكتبة)، وسار في هذه المدرسة وفي هذه المرحلة على نفس طريقته ومنهجه السابق، يتدرج في فصولها من نجاح إلى آخر عاما بعد عام، إلى أن تخرج منها بتفوق.
وما إن انتهى من هذه المرحلة، حتى تم التحاقه بمدارس الأبناء، في كلية الملك عبد العزيز الحربية في العيينة، لانتقال عمل والده إلى إدارة هذه الكلية العريقة، واستقر سكنهم داخل حرم الكلية، ضمن سكن منسوبيها الخاص، وكانت هذه المرحلة من أجمل المراحل والفترات، فقد كانت هذه المدارس، وكذلك السكن في الكلية الحربية، على قدر كبير من التكامل والرقي، ففي المدارس كانوا يلقون اهتماما كبيرا، من ادارة المدرسة والمعلمين، ولعل محدودية اعداد الطلاب فيها، له دور مساعد في ذلك، لكون خدمات هذه المدارس محصورة على سكان المدينة وحدها، ونادرا ما يلتحق بها طلاب من خارجها، فكانت اعداد الطلاب مناسبة في الفصول، مما يجعلهم ينالون كثيرا من الاهتمام والمتابعة.
تكونت لديه في هذه المرحلة، القناعة الراجحة، بالتوجه إلى التخصصات العلمية، وكان ميوله الاكبر إلى الدراسات الطبية، فكان تخصصه في القسم العلمي، وما إن أنهى دراساته في هذه المرحلة المهمة، مستوعبا ومتفوقا على خير وجه واتمه، وقد تخرج منها بتفوق ولله الحمد، يحمل بين يديه شهادة الثانوية العامة (علمي)، حتى زادت طموحاته وارتفعت همته وتطلعاته.
ومما يعتز به في هذه المرحلة، والمرحلة المتوسطة السابقة، هو الزملاء المخلصين الأوفياء فيهما، الذبن استمرت علاقاتهم وتواصلهم إلى اليوم، رغم تباعد المسافات وطول فترة المفارقة بينهم، الا انهم لايزالون يتواصلون ويلتقون بين فترة واخرى، في شكل دوري دون انقطاع، رغم مرور ما يقارب أربعين سنة على افتراقهم، من هاتين المرحلتين المتوسطة والثانوية، وفقهم الله وادام بينهم الالفة والمحبة.
الدراسة الجامعية:
بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة، سعى إلى تحقيق احلامه وطموحاته في الدراسة الجامعية، وتوافقت رغبته مع ما كان والده يشجعه بالتخصص فيه، فكان يحبب له التوجه لتخصص في الدراسات الطبية، ويشجعه بالذات على الالتحاق بكلية الصيدلة، وفعلا ودون تردد منه، قدم اوراقه مباشرة لطلب القبول في هذه الكلية، في جامعة الملك سعود بالرياض، وتم قبوله في هذه الكلية، وكم كانت سعادته واقباله على النهل من معين علومها، مع ما هو معروف من أن علم الصيدلة من أصعب التخصصات، يحتاج الطالب فيه إلى الالمام بالمسميات والمركبّات العلاجية، ولا يكتفي بذلك، بل لا بد أن يدرس معها الكثير من العلوم الرديفة المساعدة، فعلى طالب الصيدلة أن يلم بكثير من الجوانب الطبية المهمة، ومنها علم التشريح، وعلم الأمراض، وعلم الأحياء الدقيقة، وعلم الكيمياء، فكانت الدراسة مكثفة وقوية وصعبة، ولكن رغم كل هذه الصعوبات الدراسية، إلا أنه احب التخصص واستوعبه وتفوق فيه، مع زيادة الاعباء والمسؤوليات الاسرية عليه، فقد تزوج في هذه الفترة من الدراسة، عند انتهائه من السنة الثانية في الكلية، حيث تحمل اضافة إلى اعباء الدراسة مسؤوليات إضافية، فاصبح مسؤول عن بيت وزوجة، رغم أن والده يدعمه في كثير من المستلزمات المادية، وقد زاده ذلك احساس بالمسؤولية، وزاده جلد ودافعية واصرار، وبالتالي اجتهاد وتفوق، ولم يختل توازنه في الترقي والاجتهاد، إلى أن تمكن بحمد الله وتوفيقه من إنهاء هذه الدراسة الجامعية، حاصلا على شهادة البكالوريوس في علم الصيدلة، في نهاية العام الجامعي، من عام 1414هـ ١٩٩٤م.
ولطبيعة هذا التخصص، كمثيلاته من التخصصات في مجالات العلوم الطبية، التي ارتفعت مستوياتها في هذا العصر بشكل كبير ومتسارع، فهي تعتبر من العلوم المتطورة المتجددة، بحيث يجب على المتخصص فيها، المبادرة المستمرة في متابعة كل جديد فيها، وإلا فإنه سيفوته الركب المتسارع، ويصبح في المؤخرة خال الوفاض، ودون نفع أو فائدة ترجى منه، ولن يجديه ما درسه سابقا، لذلك يجب عليه متابعة كل جديد، وملاحقة التطورات والمستجدات، والرفع من امكانياته الفكرية والعلمية، وأن لا يكتفي ويقنع بما وصل إليه، وما احرزه ويحمله من شهادات، فستتحول مع الوقت إلى ورق للمفاخرة فقط، ولم يفته ذلك فقد تنبه لهذا الامر من البداية، ولم يغفل عن الالتزام بهذه القاعدة المهمة، بل سعى جادا إلى مواصلة تحصيله العلمي، والرفع من خبراته ومعلوماته وتخصصاته، ومازال هذا ديدنه وما يعمل عليه جاهدا إلى اليوم، وتحقق ذلك على النحو التالي :
- بعد انتقاله للعمل في وزارة الصحة، تم ابتعاثه مباشرة للدراسة في برنامج الوبائيات الحقلي، الذي كان ينفذ بالتعاون بين كلية الطب في جامعة الملك سعود، ومركز مكافحة الأمراض، بالولايات المتحدة الاميركية(CDC)، للحصول على الدبلوم العالي في علم الاوبئة (والذي يعادل درجة الماجستير لدى الهيئة السعودية للتخصصات الصحية) واستمر لمدة عامين إلى أن حصل على الدرجة العلمية في العام1998م.
- بعد الانتهاء من مرحلة الدبلوم، ولحاجته في التخصص لأكثر من ذلك، ليواكب متطلبات مجال عمله، وهو يعمل حينها في إدارة مكافحة الملاريا، فقد تم ترشيحه في عام 1999م، للحصول على الدبلوم المتخصص في مكافحة الملاريا، وهذا البرنامج ينفذ حينها بواسطة منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع كلية الطب في جامعة طهران (الجمهورية الايرانية الإسلامية)، ولمدة شهرين، واستطاع بحمد الله اجتيازه بنجاح.
- في عام 2004م تم استحداث برنامج لدراسة الماجستير، في تخصص ادارة الجودة الصحية، بالتعاون بين وزارة الصحة وجامعة اوكلاهوما بالولايات المتحدة الامريكية، ينفذ في مدينة الرياض، وكان من اوائل من تم قبولهم في هذا البرنامج، واستمر فيه لمدة عامين، حيث انهى متطلبات البرنامج، وحصل على الشهادة في العام 2006م، واستلم شهادة تخرجه من يد معالي وزير الصحة حينها الدكتور حمد المانع .
- حصل على بعثة دراسية في عام 2010م، لمدة سنتين إلى المملكة المتحدة (بريطانيا)، جامعة برمنجهام ، ليحصل منها في عام٢٠١٢م، على درجة الماجستير في السياسات الصحية والجودة.
- وتمت بعثته في عام2014م، لمدة خمس سنوات، إلى جامعة كيل في المملكة المتحدة (بريطانيا)، ليحصل على درجة الدكتوراه، في السياسات الصحية والحوكمة، وتخرج منها في عام ٢٠١٩م.
ويمكن تلخيص هذه الشهادات العلمية، التي تحصل عليها، على النحو التالي :
- بكالوريوس الصيدلة جامعة الملك سعود بالرياض (عام١٩٩٤م).
- الدبلوم العالي في تخصص علم الأوبئة، كلية الطب جامعة الملك سعود بالرياض عام (١٩٩٨م) ومدة البرنامج سنتين.
- دبلوم في مكافحة الملاريا، كلية الطب جامعة طهران، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عام (١٩٩٩م) ومدة الدراسة شهرين.
- ماجستير الصحة العامة (MPH)، في تخصص ادارة الجودة الصحية، كلية الصحة العامة بجامعة اوكلاهوما، الولايات المتحدة الأمريكية عام (٢٠٠٦م ) ومدة الدراسة سنتين.
- ماجستير في الإدارة والسياسات الصحية، جامعة برمنجهام المملكة المتحدة، عام (٢٠١٢م) ولمدة سنتين من العام ٢٠١٠م الى عام ٢٠١٢ م.
- دكتوراه في السياسات الصحية والحوكمة، جامعة كيل المملكة المتحدة، عام (٢٠١٩م) ولمدة خمس سنوات، من العام ٢٠١٤ الى العام ٢٠١٩م.
العمل الوظيفي :
بعد تخرجه من الجامعة، وهو يحمل شهادة البكالوريوس في الصيدلة، عمل صيدلي في مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، وبقي فيها لما يقارب السنتين، ثم انتقل بعدها إلى وزارة الصحة، ليعمل في الوكالة المساعدة للطب الوقائي، في إدارة مكافحة الملاريا، وهذا التخصص متشعب ويحوي علوما وتخصصات كثيرة، ويتطلب للنجاح فيه المبادرة إلى تنمية الخبرات، والتوسع في علومه وجوانبه المتعددة، فسعى حثيثا إلى استيفاء هذا الجانب، وتم ابتعاثه مباشرة إلى برنامج الوبائيات الحقلي، الذي نفذته بالتعاون بين كلية الطب في جامعة الملك سعود، و مركز مكافحة الأمراض (CDC) في الولايات المتحدة الاميركية (ويعادل درجة الماجستير لدى الهيئة السعودية للتخصصات الصحية) واستمر .
وبعد الانتهاء من هذه المرحلة، وحصوله على الدبلوم، وللحاجة إلى التخصص أكثر من ذلك المستوى، في مجال عمله، تم ترشيحه للحصول على الدبلوم المتخصص في مكافحة الملاريا، الذي كان ينفذ حينها بواسطة منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع كلية الطب في جامعة طهران في الجمهورية الإسلامية، وعاد بعده إلى الوكالة المساعدة للطب الوقائي، ليعمل أخصائيا في علم الأوبئة في مكافحة الملاريا.
وبعد فترة رغب في تغيير مساره العملي، حيث سعى إلى دراسة إدارة الجودة، وسنحت له الفرصة في الالتحاق ببرنامج الماجستير في الصحة العامة، في جامعة أوكلاهوما، بالتعاون مع وزارة الصحة، ليحصل على الماجستير في إدارة الجودة الصحية، وبعد أن أنهى هذا البرنامج، عاد إلى الوكالة المساعدة للطب الوقائي، وتم تعيينه مديراً لإدارة مكافحة الملاريا في وزارة الصحة، واستمر فيها لما يقارب العامين.
ثم رغب في أن يعمل في مجال تخصصه (الجودة)، ويمارسه واقعا في مجال إدارة الجودة، ولذلك انتقل من ادارة الطب الوقائي إلى الادارة العامة للجودة وسلامة المرضى، في وزارة الصحة، وعمل بالفعل اخصائي في الجودة الصحية، وعيّن فيها رئيسا للجنة الفنية، في الادارة العامة الجودة وسلامة المرضى، وبعدما افتتح برنامج الابتعاث، سعى للحصول على بعثة لدراسة السياسات الصحية والجودة، حيث تم ابتعاثه إلى جامعة برمنجهام، في المملكة المتحدة (بريطانيا)، وحصل منها على درجة الماجستير، في السياسات الصحية والجودة، وعاد بعدها للعمل في وزارة الصحة، وكلف حينها برئاسة فريق عمل، لتأسيس وأنشاء وحدة لتحسين الأداء في وزارة الصحة، بالتعاون مع شركة GE الأمريكية، وواصل عمله فيها لما يقارب السنتين، وحصل حينها على القبول لدراسة الدكتوراه، في جامعة كيل في المملكة المتحدة، وبعدما انهى هذه الدراسة وحصوله على درجة الدكتوراه، تمت ترقيتيه في الوزارة، و تكليفه بالعمل في مجمع إرادة، والصحة النفسية بالرياض، وهو عمله الحالي إلى اليوم، حيث يعمل مديرا لمكتب الجودة والتحسين، التابع لمكتب نائب الرئيس التنفيذي للخدمات العلاجية، وفقه الله وبارك في جهوده، ونفع به، وزاده علما وفضلا ونجاحا.
بعض تجاربه وخبراته الحياتية :
من خلال تنقلاته في الدراسة، واسفاره المتعددة شرقا وغربا، ومن خلال ممارسته للعمل في اكثر من مجال، اكسبه كل ذلك ولا شك كثيرا من الخبرات الحياتية المتعددة، ونمى من ثقافته ومعارفه، وساعد في بناء شخصيته، واتاح له فرصة الاطلاع، وفي تكوين العلاقات المعرفية التي لا تقدر بثمن، فاتسعت علاقاته مع الزملاء، في التخصصات المختلفة، أضافة إلى تنقلاته في كثير من البلدان، ومخالطة كثير من الاجناس والشعوب والثقافات، مما اتاح له فرصة الاطلاع على ثقافات الشعوب المختلفة، وعاداتهم وطبائعهم المتباينة، ومن إبراز هذه التجارب والخبرات، عندما ابتعث للدراسة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث كان من أوائل من ألتحق بالبرنامج فيها، الذي نظمته منظمة الصحة العالمية حينها، ونفذ في مدينة بندر عباس الإيرانية، وكانت حقيقة من اجمل الفرص بالنسبة له، حيث اطلع على حياة الشعب الإيراني عن قرب، وبالذات في تلك الفترة المتقدمة، التي لم يكن فيها شيء من وسائل التواصل الاجتماعي المتوفرة حاليا، ويلخص تلك التجربة المتميزة بقوله : (كنت في البداية متخوفا من خوض هذه التجربة)، الا إنه وجدها فرصة مناسبة جدا، ليحصل على معلومات دقيقة ومركزه في مجال مكافحة الملاريا، وفرصة مناسبة للتعرف عن كثب على حياة الإيرانيين اليومية، وفي اثنائها لم يجد كما يقول اختلافا بين الحياة وطبيعة الناس عن ما الفه في المملكة، بل وجد كثيرا من التشابه بين أسلوب الحياة مع الذي نعيشه، سواء في بيوتهم أو في حياتهم اليومية، ووجد في الشعب الإيراني الكثير من حسن التعامل ومن كرم الضيافة، وبالذات في المدينة التي درس فيها (بندر عباس)، ومن أبرز ما لفت نظره فيها، معرفة الناس بكثير من ثقافتنا، وبالأخص حينها ما يتعلق بكرة القدم، فكان كثير من الشباب الإيراني، يعرفون كثيرا من اللاعبين في المنتخب السعودي، مع ملاحظة أن سنين الحرب والحصار الاقتصادي، كان لها تأثير واضح جدا على مستوى المعيشة في هذه المدينة، أما بالنسبة للاختلافات المذهبية، فكانت هذه المدينة ولله الحمد يسكنها كثير من أهل السنة، ولذلك لم يكن مستغربا وجوده بينهم، إلا أنهم استغربوا لماذا أتى من المملكة العربية السعودية، وكانت بالفعل تجربة ناجحة يعتز بها كثيرا.
والتجربة الأخرى الثرية في مخالطة الشعوب، وثرائها يكمن في طول مدتها، عندما تيسر له الاقامة في المملكة المتحدة (بريطانيا)، لمدة تقارب سبع سنوات، وقد كانت ظروف الحياة فيها مناسبة، والمدة التي قضاها فيها اكبر مما قضاه في إيران بكثير، ولذلك من أبرز الأمور التي خرج بها من هذه التجربة، والملاحظات المختلفة عن الشعب البريطاني، بانه لاحظ أنه شعب غير ودود، بعكس شعوب الشرق المتآلفة، فخلال بقائه الطويل فيها لأكثر من سبع سنوات، لم يتمكن حتى من معرفة جيرانه الملاصقين في المنزل المجاور لسكنه، لأنهم يتصفون بأنهم متحفظون منكمشون بشكل مبالغ فيه، ولا يتقبلون الانفتاح على الآخرين، ولكن من أبرز المميزات في عموم بريطانيا، هو الجو العام الذي يعيشه المسلمون فيها، فهم يتمتعون فيها بحرية كبيرة، يستطيعون ممارسة شعائرهم بحرية، من دون مضايقات او إجراءات رسمية تقيدهم، فالمسلمون في بريطانيا أفضل حالا من كثير من الدول الأوروبية.
وقد كانت له ادوار ونتائج ايجابية، من خلال بحوثه ودراساته، طوال السنوات الماضية، يعتز ويفخر بها، و تتلخص في النقاط التالية:
- قام بنشر بعض الأبحاث العلمية في بعض المجلات العلمية.
- شارك في كثير من المؤتمرات والندوات العلمية، من خلال التحدث المباشر، أو بأوراق علمية.
- قام بتأليف ونشر كتاب بعنوان (الدواء في حياتنا)، بالتعاون مع مجموعة الحبيب الطبية.
- قام بالمشاركة في تأليف الاستراتيجية الوطنية لعلاج الملاريا، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
- تم ترشيحه لتمثيل الوزارة في بعض المؤتمرات العلمية خارج المملكة.
- شارك ممثلا للوكالة المساعدة للصحة الوقائية، في وزارة الصحة في بعض اجتماعات هيئة الخبراء التابعة لمجلس الوزراء.
الحالة الاجتماعية :
تزوج مبكرا، وما زال حينها على مقاعد الدراسة في الجامعة، حيث تزوج من ابنة عمه الفاضلة بدرية بنت يحي سليمان الداثري الفيفي حفظها الله، وكانت نعم الزوجة المدبرة، اعانته في كل ادوار حياته، دارسا وموظفا ومغتربا، فكانت لها ادواره المعينة والمشجعة، واهتمت كثيرا بالعناية بتربية الاولاد، والعمل على متابعتهم في دراستهم، وفي كل مراحل نموهم، لعظم مشاغله وانشغاله كثيرا عن هذه الامور، وتحفزه وتشجعه شخصيا، وتهيء له اسباب الحياة المريحة، حفظها الله ووفقها، وقد رزقا بخمسة من الولد، اربعة أبناء و ابنة واحدة، ناجحين متفوقين في دراستهم، ونشأوا على احسن ما يكون من التربية والاخلاق، وهم على النحو التالي :
- ميمونة مهندسة الكترونيات وتعمل في شركة stc .
- يزيد فني عيون ويعمل في مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون.
- عبدالكريم مبتعث للدراسة في المملكة المتحدة، الهندسة الكهربائية.
- يوسف يدرس في نهاية المرحلة الثانوية.
- عادل طالب في صفوف المرحلة المتوسط.
نسأل الله ان يحفظهم ويوفقهم، ويبارك فيها من اسرة ايجابية ناجحة، ونسال الله له دوام التوفيق والنجاح، وأن يعلي من شانه وينفع به، وأن يكثر في مجتمعاتنا من امثاله، وان يزيده فضلا وعلما ونجاحا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم/ عبدالله بن علي قاسم آل طارش الفيفي ـ ابو جمال
الدكتور: سليمان بن قاسم سليمان الداثري الفيفي
الرياض 1444/11/25هـ
أنعم وأكرم بهذا العلم البارز الذي رأينا من سيرته أن٧ أمضى جل عمره في طلب العلم متفوقا في تحصيله العلمي ، متقنا لعمله ، ولا غرابة ، فهذا الشبل من ذاك الأسد ، وفقه الله وسدد على درب النجاح خطاه ، وخطى أولاده ، ورحم الله والده الشيخ قاسم سليمان الداثري ، وعمه الشيخ يحيى سليمان أبو خالد الداثري ، قد كانا من خيرة الرجال ، ومن رموز قبيلة الداثري العريقة ، ولا يهون باقي الرجال