مقالات

الرؤية السعودية هي الحل 

د. علي بن يحي بن جابر الفيفي

الرؤية السعودية هي الحل 

تعيش منطقة الشرق الأوسط منذ صباح السبت السابع من أكتوبر 2023م الموافق 22 ربيع الأول 1445ه أحداثاً خطيرةً ، وأوضاعاً كارثية ، وتوتراً غير مسبوق .. حيث قامت حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية بهجوم مفاجئ ، وكبير ونوعي على قوات الاحتلال الصهيوني .. ورغم أن مقاومة الاحتلال هو شيء مشروع في كل القوانين والأعراف الدولية ، وكل مسلَّمات شعوب العالم ؛ إلا أن الكيان المحتل ، وقيادات الغرب المتآمر اتخذا ذلك الهجوم ذريعة لإبادة غزة ، وتدميرها حجراً وشجراً ، ومساكن ، ومستشفيات ، ومدارس ، فلم يبقِ الاحتلال فيها حجراً على حجر ، ولم يرحم فيها إنساناً سواءً كان رجلاً مسالماً ، أو امرأة ضعيفة! ، أو شيخاً طاعناً في السن! ، أو طفلاً رضيعاً .. بل ولا معاقاً ، أو مريضاً يرقد على السرير الأبيض في المستشفى الذي يجب أن يكون آمناً هو وقاطنيه!!.. لكن الظلم والجبروت والغطرسة التي منحها الغرب لربيبته بني صهيون! جعلت الاحتلال لا يقيم وزناً للإنسان والحيوان والممتلكات! ، فالاحتلال المجرم ، والغرب المتآمر لا يرقبان في أحد من أبناء غزَّة إلاً ولا ذمّة ، ولا رحمة أو عطفاً..

لقد حركت أمريكا أكبر حاملة طائرات لتحاصر أهل غزةّ ، وتحركت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا لدعم العدو الصهيوني المحتل أمام عصابة ليس معها طائرة واحدة! ، أو مدفع مضاد للطائرات! ، أو أي قوة تستطيع أن تقاوم قوة العدو الغاشمة التي يتفوق بها على كل الدول المجاورة له مجتمعة! ؛ لا سيما وهو يحارب ويتعنت معتمداً على الدعم الغربي غير المحدود ، عسكرياً وسياسياً ، وإعلامياً ، واقتصادياً.. فالحرب في حقيقتها هي بين حماس والفصائل المشتركة معها في غزة ، والمحور الغربي بقيادة أمريكا! ، وما دولة بني صهيون إلا طليعة هذه القوة الغربية الغاشمة والظالمة والمتغطرسة!…

 لقد مزَّق الغرب والكيان الصهيوني كل وثائق حقوق الإنسان ، وحرياته ، وكرامته!! ، وانتهكا كل ما يتعلق بأبجديات ذلك كله!…

كما مزّقوا كل القوانين والأعراف الدولية ذات الصلة بالحق في تقرير المصير ، ومقاومة المحتل ،  والعدل والمساواة بين الأطراف المتحاربة وفق قوانين وقرارات ومسؤوليات الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ، ومجلس حقوق الإنسان ، وقرارات وتوصيات محكمة العدل الدولية!.. لقد انكشف وجه الغرب القبيح! ، وضميره الأشدُّ قبحاً وحقداً وظلماً وعنصرية!!.

 إن ما حدث في السابع من أكتوبر ما هو إلا ردة فعل على احتلال غاشم استمرّ عقوداً من الزمن دون أن يقبل الغرب والاحتلال بأي حل ينهي قضية هذا الاحتلال الظالم!.. ولو كان الغرب منصفاً لانتهت هذه القضية التي أشعلت منطقة الشرق الأوسط منذ أن انتهى الانتداب البريطاني إلى الآن.. 

ولو استطاع الغرب بساسته ومفكريه أن يخرج من نفق عنصريته المقيتة ، وأطماعه التوسعية! ، وقَبِلَ أن يحتكم إلى القرارات الدولية ذات الصلة ، وأن يتعاون مع الدول ذات الوزن الثقيل في الشرق الأوسط التي تطرح مبادرة السلام ، وحل الدولتين ، وإنهاء العداء والحروب في منطقة الشرق الأوسط ، والاتجاه إلى ما يحقق الأمن والاستقرار لكل دول المنطقة ، مما يتيح الفرصة للجميع في تبادل المنافع ، وتحقيق التنمية والرخاء لكل شعوب المنطقة.. لو دفع قادة الغرب وساسته في هذا الاتجاه بكل جد وقناعة ورغبة صادقة ؛ لما استطاع مجرم وسفَّاك مثل بيامين نتنياهو أن يقوم بإبادة جماعية في غزة! ، أو أن يدمّر المستشفيات ، والمدارس ، والمساكن ، ودور العبادة ، وأن يجرّف المزارع وممتلكات أهل غزة على مرأى ومسمع من العالم كله!.

إن المملكة العربية السعودية بقيادتها الحكيمة ، وسياستها الواقعية ، وحرصها على الأمن والسلم الدوليين ، وعلى استقرار المنطقة ونمائها ورخائها ، وكذلك إيمانها بفوائد السلام والأمن والاستقرار ، ومخاطر الحروب وآثارها المدمّرة على الجميع ، وكوارثها التي لا يعلم حجمها إلا الله عز وجل.. كل هذه القناعات الواعية هي التي جعلت المملكة تسير في خط ثابت في الدعوة إلى السلام وفق أطر واضحة ، ومقاصد هادفة ، تحقق الحد الممكن من العدل والواقعية اللَّذان يضمنان بعد توفيق الله تعالى تحقيق سلام شامل ونافع ومفيد لجميع الأطراف.         

وقد استطاعت المملكة بفضل الله تعالى ، ثم بجهود قادتها وساستها الحكماء إقناع العرب بقبول السلام كخيار أفضل من البقاء في دوّامة الصراع والحروب التي أفنت أجيالاً ، ودمَّرت أوطاناً.. ولكن الغرب ما زال يماطل ويراوغ ، ويتاجر بدعم الأحزاب المتطرفة في الكيان الصهيوني مستغلاً الضعف العربي! ، ومتحججاً بوجود جماعات مسلحة في فلسطين! ، وكأنه لا يدرك بأن الاحتلال هو السبب الأول والأساس لوجود جماعات مسلحة تقاومه!.

إن حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي سهل ميسور لو كانت الولايات المتحدة الأمريكية جادّة في تعاونها مع المملكة ، وصادقة في التزامها بالقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية.. فبمجرد أن تعلن أمريكا اعترافها بحل الدولتين ، والاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967م ، واعتبارها دولة ذات سيادة لا تدعم الاعتداء عليها ، أو تقويض سلطتها أو محاولة إضعافها.. عند ذلك سيعترف العالم كله بالدولة الفلسطينية.

وعندما تسمح أمريكا للمنظمات الدولية بإصدار تقارير شفافة عن انتهاكات قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية سيصبح الكيان الصهيوني محاصراً بتلك التقارير التي تصفه بالكيان المحتل والمجرم الذي يرتكب المجازر الوحشية ، والإبادة الجماعية ، وسيُلاحَقُ ساسته وقادته في المحاكم الدولية!.. ولذلك فدولة الكيان لن تستطيع البقاء أو الاستمرار في عدوانها بدون الدعم الغربي عامة ، والأمريكي خاصة ، ولذلك فستقبل بالسلام خاضعة وراغمة.

فمتى تقبل أمريكا بالسلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ؟!! ؛ لتحافظ على شعاراتها التي ترفعها؟! ، ولتُوَثِّقَ علاقتها مع حلفائها الذين أصبحوا لا يثقون بها ! ، ولا يتفقون مع سياستها في المنطقة؟!.

إن قادة أمريكا يرتكبون حماقة كبيرة بالدعم الأعمى لكيانٍ عنصري ، يمارس إبادة جماعية! ، ويرتكب مجازر وحشية ، ويتمرد على الشرعية الدولية ومؤسساتها وكياناتها الاعتبارية!.

إن المملكة العربية السعودية قد بذلت جهوداً جبَّارة للدفع في اتجاه تحقيق السلام ، والتخفيف من معاناة أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق ، ولم تدّخر وسعاً في رفع راية الحق الفلسطيني في كل المحافل الدولية .. بل لقد قدَّمت محفزات كبرى لكل الأطراف للقبول بالسلام العادل والدائم والممكن تحقيقه في ظل الأوضاع الدولية الراهنة ، ولكن مع شديد الأسف أنها لم تجد إلى الآن شريكاً مؤثراً وفاعلاً ومؤمناً بفوائد السلام والأمن والاستقرار للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني ، ولمنطقة الشرق الأوسط كافَّة ، فالطرف الصهيوني يتعنّت ويتحدّى المجتمع الدولي بأكمله! معتمداً على الدعم الغربي الناشئ عن عنصرية مقيتة ، وانحياز مكشوف!.. والطرف الفلسطيني هو الأضعف بكل المقاييس والاعتبارات! ، وزاد من ضعفه الفرقة والخلاف الذي طال أمده بين السلطة وفصائل المقاومة!.

إن المطلوب من جميع الدول العربية والإسلامية ، وكل الدول والهيئات المحبّة للسلام , والراغبة في تحقيقه أن تدعم الموقف السعودي ، وأن تتبنى الرؤية السعودية لحل القضية الفلسطينية ؛ ليحل السلام ، ويستتب الأمن ، ويسود الرخاء كل دول وأوطان الشرق الأوسط ، وتنقطع ذرائع الغلو والتطرف ، وتقل مسببات الكره والبغض والعداء بين شعوب المنطقة ، ويتحقق التعاون والتواصل وتبادل المنافع ؛ لتتحقق مصالح الجميع ، وتتوافق مقاصدهم في النهوض بمنطقة الشرق الأوسط ؛ لتكون في مصاف القوى المتقدّمة عالمياً كما هي رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ورعاه التي أعلنها بكل صراحة ووضوح .

د. علي بن يحي بن جابر الفيفي
الأربعاء الموافق 7 ذي القعدة 1445هـ

الرؤية السعودية هي الحل
المقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى