
السعودية وعقدة الحاسدين!
من سنة الله عز وجل في الحياة أن كل موفق ناجح متميز يواجه أنواعاً من العداوات والكيد ، وأشكالاً من حملات التشويه والافتراء والكذب! ، لا لسبب يوجب ذلك ؛ وإنما هي عقدة الحسد التي يصاب بها من خَبُثَتْ نواياهم ، وضُعفتْ قدراتهم على أن يحققوا ما حققه من التفوق والتميز والنجاح .. ولا شك أن كل عدو حاسد ، وكل حاسد هو عدو لدود!.
والحاسد لا يرضى بأقل من أن يرى المحسود ساقطاً محطماً ، لا حراك فيه ولا قدرة له على النهوض أبداً!! ، عند ذلك يبتهج الحسود ويفرح! ، وينتشي ويشمت!.. فلا إله إلا الله ما أخبث الحسود وأقبحه! ، وما أكفره وأوقحه!.. لقد كفر نعمة الله عز وجل ، واعترض على قسمة الرزَّاقِ جلَّ في علاه ! ، وحادَّ الله في قَدَرِه الذي لا يردُّ ، وحكمه الذي لا معقب له!.
والمحسود قد يكون شخصاً متميِّزاً ، أو جماعة متفوقة ، أو أمة ناجحة فيما عجز عنه من حولها من الدول والأمم.
وهذا هو حال دولتنا المباركة – المملكة العربية السعودية – فهي دولة ناجحة ومتميزة بفضل الله تعالى أولاً ، ثم بحنكة قيادتها الرشيدة ، ووفاء شعبها الأصيل ، فهي تسير بخطىً ثابتة ومتسارعة إلى الأمام بكل حزم وعزم ، وبإيمان عميق ، ويقين راسخ بأن من أوجب واجباتها حمل أمانة النهوض بالأمة في شتى مجالات الحياة ، لا سيما في هذه اللحظة التاريخية التي ضعفت فيها أمتنا الإسلامية ، وتمزقت دولها ، وانقسمت مجتمعاتها إلى أحزاب وجماعات متناقضة ومتناحرة في أكثر من بلد إسلامي.
والمملكة إذ تحمل راية النهوض بالأمة كافة ، فهي لا تتردد عن خوض غمار معركة السباق الحضاري ، والتقدم التكنلوجي ، وتوطين أدق وأعقد الصناعات والبرمجيات ، وكل ما وصلت إليه البشرية في عالم الأبحاث والاكتشافات التي تخدم الإنسانية ، وتحقق جودة الحياة ورفاهيتها ؛ مبتغيةً من وراء ذلك أن تحقق مقصد الاستخلاف الإلهي في الأرض ؛ فتحمي دين الله ، وتنشر القيم والأخلاق! ، وتقدِّم صورة مشرقة وجميلة وجذّابة عن دين الله الحنيف ، وعن وسطية الإسلام وكماله وشموله ، وعن قدرة الإسلام والمسلمين على مواكبة التقدم الهائل في الوسائل الحديثة ، والمخترعات الدقيقة ، بل ولتثبت للعالم كله بأن المسلمين أكثر الأمم قدرة على التعايش السلمي ورغبة فيه ، وحرصاً على الحوار الحضاري ، والتبادل المعرفي ، والتعاون الإنساني ، وهي تؤكد برؤيتها الطموحة ، ونهجها الواضح الذي تسير عليه ، أننا أبعد الأمم عن الغلو والإرهاب والتطرف ، وأكثرها تجفيفاً لمنابعه وحرباً عليه! ، وما ذلك إرضاءً لأحد ؛ وإنما عقيدة ندين بها لربنا ، حراسةً لدينه ، وحمايةً للمجتمع المسلم من أفكار التطرف والغلو الدخيلة عليه!.
وأمام هذه المهمة الكبرى ، والغاية العظمى التي تسعى المملكة لتحقيقها ، وتبذل في ذلك كل غالٍ ونفيس ، ورغم النجاحات التي تحققت بفضل الله عز وجل وعونه وتأييده ، ورغم أنها نجاحات أبهرت العالم كله! ، بل وأصبح جزء كبير منها متحققاً ومشاهداً وملموساً سواء في المجال الاقتصادي ، أو السياسي ، أو في مجال التقدم العلمي وتوطين الصناعات والاختراعات وغيرها.. رغم كل ذلك فإن أعداء المملكة المصابون بعقدة الحسد ما زالوا يشنون حملات التشويه والإثارة ، والكذب والافتراء على قيادة المملكة ، وخصوصاً على سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – وفقه الله وسدَّده – ، وقد بدأوا حملة مسعورة على سموه الكريم بعد تنصيب الرئيس الأمريكي ( دونالد ترامب) ؛ لأن الرئيس الأمريكي طلب من السعودية استثمار مبلغ 500مليار دولار في أمريكا ، وأنها لو فعلت ذلك فسيجعل زيارته الأولى إلى المملكة.. ولأن المملكة دولة عُظمى بقيادتها ، وبسياستها ، وبقدراتها الضخمة! ، فقد تلقت هذا التصريح بكل ثقة وقدرة ودراية بأهمية تحقيق استراتيجيتها وأهدافها التي مهما دفعت فيها من المال فإنها تجني كل ذلك نمواً في اقتصادها ، وتوسعاً في نفوذها ، وتحقيقاً لرؤيتها ؛ ولذلك فقد اتصل سمو ولي العهد بالرئيس الأمريكي بعد خطابه بيومين أو ثلاثة ، وبعد أن هنَّأَهُ بالتنصيب والولاية الجديدة ، بحث معه سبل التعاون بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية لإحلال السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ، إلى جانب تعزيز التعاون الثنائي لمحاربة الإرهاب.
كما تناول الاتصال بحث تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات ، حيث أشار سموه – حفظه الله – إلى قدرة إدارة الرئيس الأمريكي بإصلاحاتها المتوقعة في الولايات المتحدة على خلق ازدهار اقتصادي غير مسبوق تسعى المملكة للاستفادة من فرصها المتاحة للشراكة والاستثمار ، مؤكدًا رغبة المملكة في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة في الأربع سنوات المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار مرشحة للارتفاع حال أتيحت فرص إضافية.
ورغم ما في هذا الاتصال من الدلالة على قوة المملكة وقدرتها على التعامل مع أقوى دول العالم بالنِّدِّيَّةِ التامّة ، وفق لغة المصالح المشتركة ، وبما يحقق لها القدرة على استثمار الفرص المتاحة لها في مجالات حساسة لا تستطيع تقديمها غير أمريكا .. رغم كل ذلك إلا أن أعداء المملكة – ممن التهبت قلوبهم غيظاً ، وامتلأت نفوسهم حقداً دفيناً ، وحسداً متغلغلاً لسمو ولي العهد – حفظه الله – قد شرَّقوا بالخبر وغرَّبوا به! ، وساغوه كما يشاؤون ويحلوا لهم ، وزعموا أن الرئيس الأمريكي يفرض شروطاً! ، ويطلب جزيةً! ، وأنه هدَّدَ وتوعد بالويل والثبور ، وعظائم الأمور إن لم يحصل على ما طلبه!.. إلى آخر ما زعموه من أكاذيب وأراجيف هي أبعد ما يكون عن الواقع والحقيقة التي يعرفها كل عاقل منصف مدرك لسياسة المملكة ، وحنكة سمو ولي العهد ، وطريقة تعامله مع كل ما يتعلق بسيادة الوطن وأمنه ، واستراتيجيته في تحقيق رؤية بلاده ، وبلوغ أهدافها المرسومة بكل عناية ودراية.
إن سمو ولي العهد – وفقه الله وسدَّده – لا يخضع للابتزاز ، ولا يساوم على سيادة وطنه ، ولا يسمح لكائن من كان بالتدخل في شؤون دولته ، فهو المؤتمن الأمين ، وهو الصادق في قوله ، والحازم في أمره ، وهو راسم رؤية الوطن والقائم على تنفيذها بكل همَّة وقوة وإصرار – أطال الله عمره على طاعته ، ومدَّه بعونه وتوفيقه – .
إن ما يصبو سموه لتحقيقه لوطنه ، ولأمته ، ولمنطقة الشرق الأوسط بأكملها لهو غاية كبرى ، ومقصد نبيل ، وهدف سام يفوق خيال كثير ممن يرمون سهامهم بدعوى التحليل والرصد والمتابعة لما يُكتب في الصحف الغربية ، وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي ، والقنوات الإعلامية المختلفة.
إن شُّذَّاذ الآفاق والأخلاق ممن يسمون أنفسهم معارضة! ، أو غيرهم من الحاقدين الحاسدين للمملكة قيادة وشعباً لن يضرونا إلا أذى ، وسيموتون غيظاً وكمداً ؛ لأن المملكة منصورة بعون الله تعالى ، وسمو ولي العهد – وفقه الله وسدَّده – محاط بعناية الله وحفظه ، وعونه وتأييده ، ثم بشعب – أصيل كريم – يحبه ويفخر به! ، ويدين له بالسمع والطاعة ، والولاء والحب والوفاء ، وما يثيرونه من الأكاذيب والافتراءات والمغالطات ، لا يزيدنا إلا تلاحماً وولاءً ومحبةً لقيادتنا الرشيدة ، وإيماناً بسياستها الحكيمة ، وقناعةً برؤيتها الثاقبة في كل ما تتخذه من قرارات ، وما تتبناهُ من سياسات داخلية أو خارجية.
فهل يعي ذلك كل من أصيب بعقدة النقص والحسد للمملكة قيادة وشعباً؟!.
السعودية وعقدة الحاسدين!
الأحد 26 رجب 1446ه.