
جهود القيادة السعودية لتحقيق السلام العالمي!
الحمد لله الذي مكَّن لقيادتنا الرشيدة أن تقود العالم نحو السلام المستدام ، والأمن والرخاء ، وتبادل المنافع ، وتشارك المصالح ؛ من أجل مستقبل أفضل لكل الأطراف.
إن السلام هو مطلب إنساني نبيل ، ومقصد إسلامي أصيل ؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل الإنسان خليفة في الأرض لِيَعْمُرَها ، ولا يمكن للإنسان أن يعمر الأرض ويستخرج خيراتها إلا إذا ساد السلام ، وعمَّ الأمن ، وتعاون الناس فيما يحقق السلام والأمن والرخاء.
إن القيادة في المملكة العربية السعودية قد جعلت السلام رؤية وهدفاً تسعى لتحقيقه من أجل مستقبل أفضل لكل البشرية! ، فرؤية القيادة الرشيدة تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة داخلياً ، وتعزيز دور المملكة كمركز عالمي يساهم في خلق بيئة أكثر استقراراً وازدهاراً على المستوى الدولي.
وهذا التوجه السعودي قد نال ثقة عالمية ، ومصداقية دولية ، مما جعل قادة أكبر صراع في العالم بين الشرق والغرب لا يجدون مكاناً أنسب ولا أفضل من عاصمة السيادة والقيادة والسلام ، رياض العز والمجد والتاريخ والعروبة.
إن سمو الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله ووفقه – قد استطاع أن يجعل المملكة قبلة العالم السياسية ؛ لأنهم يجدون فيها السياسة الحكيمة ، والقول الصادق ، والتوجه الذي يحقق مصالح الجميع وفق القوانين والأعراف الدولية ، والإمكانيات المتاحة.
كما أن الساسة في الغرب وغيرهم يعلمون أن قيادة المملكة إذا قالت صدقت ، وإذا وعدت وَفَتْ ، وإذا اتخذت موقفاً كان لموقفها قوةً وتأثيراً في مسرح الأحداث!.
وجهود القيادة السعودية لتحقيق السلام ليست وليدة اليوم ، بل هي جهود ثابتة وقديمة ونابعة من رؤية حكيمة ، وتَوَجُّهٍ صادقٍ ، وإيمان عميق بأن كل مقومات الحياة السعيدة ، وقواعد الأمن والاستقرار ، والرخاء والازدهار لا يمكن تحقيقها إلا في ظل بيئة ينعم فيها الجميع بالسلام الذي يحقق لكل الأطراف حقوقها ، ويلبي مصالحها ؛ لأن خيار استرداد الحقوق ، وتحقيق المصالح بالسلام – ولو في الحد الأدنى ، أو دون المأمول بالشكل الكامل – هو خيار أفضل من استمرار الحروب الضارية ، وتحمّل آثارها المدمرة على الأجيال والأوطان ، لا سيما عندما تختل موازين القوى بشكل كبير وخطير كما هو الحال في القضية الفلسطينية التي لم تُنصف الدول الكبرى المتحكمة في مجلس الأمن شعبَها رغم مجازر الإبادة والتشريد والتهجير التي يرتكبها الكيان الصهيوني على مرأى ومسمع كل المنظمات والهيئات الدولية .
لقد بذلت القيادة السعودية جهوداً كبيراً لحلحلت كل الصراعات ، ولإحلال السلام في كل المناطق التي اشتعلت فيها نيران الحروب.
ففي عام 1981م قدّمت السعودية مبادرة سلام في قمة فاس بالمغرب ، وذلك لحل النزاع العربي الإسرائيلي ، وهي ما عُرفت بمبادرة الأمير فهد للسلام ، وكان حينها ولياًّ للعهد رحمه الله تعالى ، وكانت تتضمن ثمان نقاط ، من أهمها :
- انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلت في العام 1967 بما فيها القدس العربية.
- ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة.
- قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
- تأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة ، وتعويض من لا يرغب في العودة.
- تأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام.
وقد أُقرَّت المبادرة في العام التالي 1982م في قمة فاس بالمغرب ، ولكن رفضها الكيان الصهيوني بقيادة مناحيم بيجين.
وفي عام 1989م قادت السعودية جهوداً حثيثة تكللت باتفاق الطائف بين الأطراف اللبنانية المتنازعة في الحرب الأهلية التي استمرت حوالي خمسة عشر عاماً.
وقد حقق الاتفاق مبدأ التعايش المشترك بين الطوائف اللبنانية المختلفة وتمثيلها السياسي كهدف رئيسي للقوانين الانتخابية البرلمانية في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية ، وقد بقيت القيادة السعودية داعمةً للشعب اللبناني ومؤسساته الرسمية من أجل تحقيق السلام ، وبسط الأمن ، وجلب الرخاء والاستقرار لكل الشعب اللبناني الشقيق ، ولو لا التدخل الإيراني بدعم المليشيات الرافضية العميلة لكان الشعب اللبناني ينعم بالسلام والأمن والرخاء باعتباره وجهة سياحية جميلة ومرغوبة ، ولتنوع مكوناته وثراء ثقافته.
وما زالت المملكة وستبقى داعمة لأمن لبنان واستقراره وسيادته بكل الوسائل الممكنة.
وفي 28 مارس 2002م تبنت القمّة العربية في بيروت مبادرة الملك عبد الله بن عبدالعزيز – رحمه الله تعالى – ، والتي كانت مبادرة واضحة وجريئة ومتكاملة لحل النزاع الإسرائيلي العربي بشكل نهائي يحقق لجميع شعوب المنطقة الأمن والاستقرار ، والتعايش في ظل سلام عادل وشامل ، وفق القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع الذي طال أمده.
ورغم التعنت الإسرائيلي بسبب الدعم الغربي الأعمى للكيان الصهيوني إلا أن مبادرة السلام السعودية التي أصبحت مبادرة كل الدول العربية ما زالت هي الخيار الأفضل والممكن تحقيقه لحقن الدماء ، وإنهاء الصراع الذي يهدد منطقة الشرق الأوسط بأكملها بعواقب وخيمة لا يعلم آثارها إلا الله جلَّ في علاه.
واستمراراً لجهود المملكة في دعم الشعب الفلسطيني ، وتحقيق السلام العادل رغم التعنت الصهيوني أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان – حفظ الله – بتاريخ 23ربيع الأول 1446ه الموافق 26سبتمبر 2024م عن إطلاق ” التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين ” وذلك أثناء مشاركة سموه في الاجتماع الوزاري بشأن القضية الفلسطينية وجهود السلام ، وكان ذلك على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين بمدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.
وقد أطلق سموه هذا الإعلان باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين بهدف دعم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية ، وقد دعا كافة الدول إلى التحلي بالشجاعة والانضمام إلى الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية وعددها 149دولة ، كما دعا جميع أعضاء الأمم المتحدة إلى الانضمام إلى هذا التحالف الذي كان من أهم أهدافه :
- إيجاد مسارات عمل واقعية وعملية لتحقيق حل الدولتين .
- وضع خطة عملية لتحقيق الأهداف المشتركة لتحقيق السلام المنشود .
- بذل الجهود لتحقيق مسار موثوق ولا رجعة فيه لسلام عادل وشامل .
وقد استضافت الرياض الاجتماع الأول لهذا التحالف في الفترة من 27 – 28 ربيع الثاني 1446ه الموافق 30 – 31 أكتوبر 2024م .
وقد أشار سعادة وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية المتعددة ” إلى أهمية انخراط الدول المشاركة في الاجتماع برعاية المسار السياسي متعدد الأطراف بهدف تحقيق السلام القائم على حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ، مستنداً إلى قواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ، وعلى أساس مرجعيات عملية السلام ، ومبادرة السلام العربية لعام 2002م وفق تسلسلها الطبيعي ، ومبدأ الأرض مقابل السلام ، وأكد أن ذلك سيسهم في إنهاء معاناة أبناء الشعب الفلسطيني الممتدة على مدار ثمانية عقود ، وسيتيح لهم العيش فـي حريـة وكرامـة فـي دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود 1967م.
وجدد سعادته دعوة المملكة لجميع الدول المحبة للسلام إلى الانضمام لهذا التحالف ، وأن المملكة تثمن في ذات الوقت قرارات عدد من الدول الصديقة مؤخراً بالاعتراف بدولة فلسطين ، وتحث بقية الدول على سرعة اتخاذ هذا القرار ؛ لما فيه من دعم للحق الفلسطيني ، وتسريعاً لتنفيذ حل الدولتين وإحلال السلام ” .
وما زالت القيادة السعودية تبذل جهوداً كبيرة ، وذات مصداقية عالية في إحلال السلام ، وتحقيق الأمن المستدام ، وتشجيع التعايش السلمي ، وتعزيز الحوار البناء بين كل الدول والأطراف المتنازعة.
وقد برز دور المملكة كوسيط موثوق به في مساعي السلام ، وإدارة المفاوضات بين الأطراف المختلفة ، فقد استضافت المملكة محادثات بين أوكرانيا وروسيا .. كما توسطت في تبادل الأسرى بين أمريكا وروسيا.
وأخيراً استضافت المملكة بتوجيه من ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء سمو الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – في مدينتي الرياض وجدة جولات من المحادثات بين كل من روسيا وأمريكا وأوكرانيا ، وذلك في إطار مساعي المملكة لتعزيز الأمن والسلام والاستقرار في العالم.
كما قامت بجهود كبيرة لحل الأزمة في اليمن والسودان ، وما زالت مستمرة في تلك الجهود رغم التعقيدات الصعبة بين أطراف النزاعات في تلك الدول.
وقد استطاعت السعودية – بفضل الله تعالى ، ثم بفضل القيادة الحكيمة – أن تكون طرفاً محايداً وموثوقاً به من جميع الأطراف ؛ لتعلب دوراً ناجحاً في تقريب وجهات النظر بين تلك الجهات المتباعدة في رؤاها ومطالبها ؛ لأن المملكة حافظت على علاقات متوازنة مع مختلف القوى الدولية.
كما أن المملكة تؤكد دائماً على أهمية الحوار واستخدام الطرق الدبلوماسية في حل الخلافات والأزمات الدولية.
إن صناعة السلام وتحقيقه ليس أمراً هيِّناً لا سيما في هذا العصر الذي تضاربت فيه مصالح الدول ، وتزايدت فيه أطماع القوى الكبرى ، واختل فيه منطق العدل ، واحترام العهود والمواثيق الدولية.. فقيام المملكة بهذه المهمة الصعبة هو مما يجب أن يذكر لها ويشكر ، ويشاد به ويُنشر ؛ لما في ذلك من خدمة لقضايا الأمة ، ونصرة لشعوبها ، وسعيٌ لحلحلت المصاعب والمشاكل التي تعاني منها أغلب الدول العربية والإسلامية ، فضلاً عما يتحقق للبشرية كلها من الخير والرخاء ، والأمن والاستقرار ، عندما تُغرسُ قِيَمُ السلام العادل ، والتعايش الإنساني ، وتُعَزَّزُ أفكار الحوار الهادف البناء بين مختلف الثقافات والحضارات ؛ ليُجعل من ذلك جسراً يحمل الحق والعدل ، والقيم النبيلة المشتركة بين كل الشعوب والأمم.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
جهود القيادة السعودية لتحقيق السلام العالمي!
الاثنين 15 شوال 1446هـ.
مقال رائع جدا . بارك الله فيك يا دكتور علي وزادك توفيقا وسدادا .
بارك الله فيك يا دكتورنا الغالي وزادك الله من فضله فانت نموذج للمواطن الغيور المحب لوطنه وقيادته النابع من مبادىء دينه وشرفه اليعربي فالاشاده والإيضاح لجهود قيادتنا ومكتسبات وطننا مطلب من كل مواطن ناهيك عن منهم اصحاب الشهادات العلميه والرؤى الفكرية امثالك فهم أحرى لايصال رسائل هادفة تحمي النشئ وترد على اهل الهوى والعمالة
بارك الله فيك وجزاك عنا وعن قيادتنا ووطننا الغالي كل خير
بارك الله فيك يا دكتورنا الغالي وزادك الله من فضله فانت نموذج للمواطن الغيور المحب لوطنه وقيادته النابع من مبادىء دينه وشرفه اليعربي فالاشاده والإيضاح لجهود قيادتنا ومكتسبات وطننا مطلب من كل مواطن ناهيك عن منهم اصحاب الشهادات العلميه والرؤى الفكرية امثالك فهم أحرى لايصال رسائل هادفة تحمي النشئ وترد على اهل الهوى والعمالة
بارك الله فيك وجزاك عنا وعن قيادتنا ووطننا الغالي كل خير
بارك الله فيك ياشيخ علي يحي الحموي .مقال يحكي على الواقع …اسال الله ان يحفظ حكومتنا الرشيده وينصرهم ويعلي شانهم ويحفظ لنا الدين والوطن ويديم علينا الامن والاستقرار ويجعلنا من الشاكرين لنعمه …
شكرا لك ياشيخ علي يحي على هذا المقال دائما تتحفنا بالمفيد
أخي العزيز د. علي بن يحيى بن جابر الفيفي ، شكري وتقديري وامتناني على ما قدمته من تحليل عميق وشامل حول جهود القيادة السعودية لتحقيق السلام العالمي ، حيث إن ما تفضلت به يعكس رؤية حكيمة تستند إلى مبادئ إنسانية وإسلامية أصيلة، تظهر حرص المملكة الدائم على تعزيز السلام والأمن الإقليمي والدولي.
إن ما يقوم به صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – من جهود دؤوبة ومبادرات جريئة يعكس التزام المملكة بتعزيز الاستقرار في المنطقة، ويدل على مكانتها كوسيط موثوق في القضايا الدولية ، وإن مبادرة السلام التي أطلقتها المملكة، سواء في سياق الصراع الفلسطيني أو الأزمات الأخرى، تعكس رؤية استراتيجية تتجاوز الحدود الضيقة للصراعات، لتسهم في بناء مستقبل أفضل للجميع.
كما أن الإشارات التي أبرزتها حول دور المملكة في تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف الأطراف، سواء في لبنان أو اليمن أو حتى في النزاعات العالمية، تمثل شهادة على قدرة المملكة على التأثير الإيجابي في العالم ، وبالتالي فإن الدبلوماسية السعودية تبرز كأداة فعالة في إحلال السلام، وتؤكد على أهمية التعاون الدولي لمواجهة التحديات الراهنة.
إن ما ذكرته حول أهمية السلام كخيار استراتيجي بدلاً من الحروب يؤكد على فهم عميق لطبيعة العلاقات الدولية ، وإن تحقيق السلام هو ليس فقط مطلب إنساني، بل هو ضرورة حتمية لبناء مجتمعات متماسكة ومستقرة.
في الختام أؤكد على أهمية الاستمرار في هذه الجهود والمبادرات، وأن نثمن عاليا ما تقوم به القيادة السعودية من خطوات فاعلة نحو تحقيق السلام ، حيث إن العالم يحتاج إلى المزيد من هذه الرؤى الحكيمة، ونتطلع إلى مستقبل مشرق يسوده التعاون والسلام.
مع خالص التقدير والاحترام لدكتورنا الشيخ علي .
شكرا من القلب أبا عبدالرحمن على هذا الجوهر من الكلام وعلى هذا الإبداع والتميز الذي عرفناه عنك ، لاشك أن ماتطرقت له في مقالك الرائع بشأن ما تقوم به حكومتنا الرشيدة بقيادة ملك الحكمة والحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز عراب الرؤية من جهود تذكر فتشكر، بل هو محل تقدير وامتنان كل مواطن في هذا الوطن الغالي بل وكل عربي ومسلم منصف ٠
وفقكم الله وسدد خطاكم دكتور علي ، وسلمت يداك فقد أبدعت وامتعت ووضعت النقاط على الحروف .