مذكرات ومواقف (11)
الإذاعة
مصطلح الإعلام
الإعلام هو عصب الحياة الحديثة ، فبالأمس كان الإعلام محصوراً بجريدةً و مجلةً وشاشةً وإذاعة ، اليوم اختلف معنى الإعلام لدى الكثير ، فالكل صار إعلامياً شئنا أم أبينا ، فلم تعد وسائل الإعلام حكراً على ممارس خبير أو شهادة عليا ، ولم يعد الإعلامي ذلك الشخص الذي يقف أمام الميكرفون ليقلي خبرًا أو حوارًا بطقوس خاصة يعتقد في نفسه أن لا أحد يستطيع فعل ذلك .
عند الحديث عن الإعلام أتذكر كثيراً نظرياته العجيبة ، وعلومه الواسعة ، وسطوت الغرب وسيطرته على هذا العلم الذي نما سريعاً بشكل لم يكن في الحسبان ، – في أمريكا لوحدها توجد أكثر من 2645 شبكة بث تليفزيوني – 13000 محطة إذاعية – كما توجد أكثر من 300 مؤسسة صحفية كبرى) – ، ضاعت الصحيفة الورقية , واختفى المحتوى التليفزيوني الهادف وسيطرت الوسائل الحديثة بشيء من القوة والهيمنة اكتسبتها من قوة الفضاء الواسع والتكنولوجيا المتسارعة . أعود لنظريات الأعلام العجيب ؛ ومن أراد أن يفهم كيف يفكر الغرب فليقرأ عن هذه النظريات فلست هنا لسردها بقدر ما أقصد تنبيه القارئ لها ، ولعل أهم نظرية هي نظرية القطيع ، ونظرية حارس البوابة .
الإذاعة والحاضر الإعلامي
النظرية الأخيرة تشدني كثيراً ، فعندما قرأتها أثناء دراستنا في كلية الآداب قسم الصحافة والإعلام بجامعة جيزان تذكرت تلك الغرفة المغلقة ، والأوراق المخطوطة بيد المعلم السوداني – الذي كان يلقبني ب (الهادي ) والذي افردت له موضوعا في هذا الكتاب – كانت هذه الأوراق بمثابة توجيه للطلاب في طريقة تفكيرهم وكنا نقوم بهذه الإذاعة في غرفة مغلقة مع مكبر صوت ، الجميل في الموضوع أننا لا نقابل الجمهور (الطلاب ) كما هو معتاد في الإذاعة المدرسية كل صباح بطريقتها المملة والرتيبة ، والتي يشتكي منها الطلاب بل ويهربون منها لسبب بسيط جدا وهو خلوها من المتعة الحقيقية وتحولها إلى شيء علينا أن نقوم به فقط لكي نقوم به ، دون مغزى حقيقي كما كان ذلك في المدرسة المتوسط ، تلك المرحلة الغائبة من ذكريات الطلاب ، حيث كان بعض الطلاب يجهز كلمة الصباح في جيبه لعدة أيام ، وفي حال لم يكن أحداً من الطلاب المكلفين بالإذاعة جاهزاً ، متأخرا أو غائبا كالعادة ينبري صاحبنا ويقول ها أنا ذا ، ويحظى بتصفيق حار من المعلمين لإنقاذه الموقف ، رغم أن الجميع لم يكن مصغياً لمحتوى الكلمة بقدر أهمية أن يقال شيء في هذه اللحظة .
الإذاعة المدرسية مالها وما عليها:
عوداً إلى موضوع نظرية حارس البوابة التي تذكرت من خلالها تلك الشجاعة التي كنت عليها وزملائي في تلك المرحلة فكنا نستعرض فنون الإلقاء لسبب بسيط أننا داخل تلك الغرفة ولا ندري أصلا هل يستمع لنا الطلاب أم لا ، لكن ما كنت متأكداً منه أننا في تلك المرحلة مع معلمنا القدير عملنا شيء ممتع فمجرد تحضيرنا للمحتوى وتوزيع الأدوار كنا نحاول أن نكون مميزين ، لا أخفيكم أننا كنا نشتاق إلى فترة الفسحة ، لأنها كانت وقت الإذاعة ، وكنا نحاول في تلك الغرفة بعقولنا الصغيرة أن نهيمن على تفكير الطلاب من خلال الفقرات سواء كانت دينية أم علمية أم ثقافية وترفيهية ، فنحن من يحدد ، ونحن من يختار ونحن من يلقي ، هذا باختصار ما تقوم عليه نظرية حارس البوابة الإعلامية ليس فقط في مرحلة رابع ابتدائي بل في كل المنظومات الحديثة حكومية كانت أو خاصة .
في الإذاعة المدرسية نحتاج إلى متخصصين ليعلموا أبناءنا هذا الفن ، نحتاج إلى ابتكار محتوى إعلامي للطلاب ، نحتاج إلى من يدير هذه العملية الإعلامية بكفاءة ، نحتاج إلى التحرر من الإذاعة المدرسية الحالية والتي لا تخرج عن كونها شيء روتيني رتيب على كل الطلاب أن يشاركوا فيه ، ولعل من الأفكار التي قد تساعد في ذلك تخصيص دورات لبعض المعلمين المهتمين في ورش عمل تثقيفية عن أهمية الإعلام في صناعة جيل واعي مثقف يخرج من عباءة الإذاعة التقليدية إلى صناعة إعلامية معاصرة .
أجيالنا والإعلام
لكي نصنع جيل واعي يقدر قيمة وطنه ودينه وأمته، محافظ على مكتسبات وطنه ، جيل راقي يستطيع التعامل مع الثقافات المختلفة ، علينا أن نغرس في جيل المدرسة حب الاستطلاع والقراءة والتأثير على الغير كيف ذلك ؟ من خلال تعلم نظرية حارس البوابة الإعلامية .
موضوع اليوم جميل وخاصة انه تخصصك وتريد تبسيط الموضوع ، ذكرتني في زمن الدراسه وخاصة الابتدائي كنت لا احب فقرة الاذاعه لاني اخاف من الوقوف أمام المقرفون، فعلا لو في معلم متمكن ان يجهز هذي الفقرات بابداعيه لربما كان الخوف راح ،،
اذكر في مرحلة المتوسطه كان هناك معلم سوداني أخلاقه عاليه وحاول بكل الوسائل ان اقدم فقرة الاذاعه ورفضت ولكنه أصر وقال سوف تقف أمام المكرفون في غرفه وحدك فوافقت فشفته امر بسيط …
شكرا ابو فيصل لقد امتعتنا بهذه البصمه الرائعه والذكرى الجميله
تحياتي لك : اخوك ابو احمد